الأخبار
المعلّمون في مناطق الصراع حاملو رسالة ومفعمون بهدف المهنة

"لا تستطيع أن تصبح معلماً جيّداً دون امتلاكك شغفاً حقيقيّاً تجاه المهنة، فالشغف يحفزك على التضحية وإعطاء أفضل ما عندك كل يوم تذهب فيه إلى العمل حتى في الظروف الصعبة،" هذا ما قالته عائشة قديري، معلّمة مدرّبة تعمل مع مجموعة من المعلّمين الذين يعملون مع التلاميذ المشرّدين داخليّاً في بعض مناطق نيجيريا حيث تعرقل جماعة بوكو حرام النظام التعليمي.
وبمناسبة ، شاركت عائشة تجربتها مع اليونسكو. وهي مديرة قسم رعاية الطفولة المبكرة والتعليم الابتدائي، في كلية التربية الفدراليّة في مدينة يولا في نيجيريا. والجدير بالذكر أنّ لعائشة باعاً طويلاً في مجال التعليم في مخيّمات اللاجئين لا سيما مع طلاب ومعلّمي المرحلتين الابتدائية والثانوية الذين يتعرضون لصدمات شديدة.
وفي هذا السياق، قالت عائشة: "خلال عملي في المخيّمات، رأيت أطفالاً مصدومين ممّا مرّوا فيه بظروف صعبة، فتراهم في الصف منعزلين تماماً ومنشغلي الذهن. وإنّهم بحاجة إلى إخراجهم من حالة الصدمة التي تسيطر عليهم وذلك بمساعدة معلّمين مؤهلين وحاصلين على التدريب الكافي لمعالجة مثل هذه المشاكل النفسيّة." ويذكر أنّ عائشة متخصّصة في مجال بناء القدرات لدى المعلّمين والمربّين بالإضافة إلى تطوير الألعاب التعليميّة وتنفيذ مبادرة المدارس الآمنة.
المعلّمون يعيدون النظام والانضباط إلى حياة الأطفال
"عندما نصل إلى بوابات المخيّم، يندفع الأطفال نحونا ليأخذوا كل ما نجلبه لهم من أدوات مدرسيّة. غالباً ما يكون هؤلاء الأطفال قد تعرّضوا للعنف ما يجعلهم عدائيّين ويدفعهم إلى التشاجر مع بعضهم البعض معظم الوقت. وبالتالي فإنّ دورنا كمعلّمين يتمثّل في إعادة النظام والانضباط إلى حياتهم, علينا أن نعلّمهم الجلوس والتحلي بالصبر والانتباه. وغالباً ما يتدخل موظفو الأمن لضبط الأطفال ولكن يجب منعهم فمن غير الطبيعي أن يتعاملوا مع الأطفال بهذا العنف."
"أما المعلّمين، فقد عاش العديد منهم في المخيّمات أيضاً. ويأتون اليوم كمتطوّعين لتقديم المساعدة. وبالتالي يجب علينا بناء وتطوير قدراتهم في ما يتعلّق بكيفيّة إشراك الطلاب وإعداد المواد التعليميّة من البيئة المحيطة بهم. فبمجرّد إشراك الطلاب في العمليّة التعليمية وملء وقتهم، يصبح تعليمهم أكثر سهولة."
ضمان مستقبل الأطفال
إن كلامها واضح بشأن ما يحفّز المعلّمين على العمل في مثل هذه الظروف غير الآمنة. فقد ترك العديد منهم منازلهم وجاؤوا للعمل بأبسط المواد المتوفّرة وحتى بدون تلقي أي أجر لمدّة أشهر.
"لقد رأى هؤلاء المعلّمون مجتمعاتهم تدمّر أمامهم. وإنهم لا يتمنّون لهؤلاء الأطفال أن يمرّوا بنفس هذه التجربة القاسية وأن يدمّر مستقبلهم. وبإمكاننا أن نساعدهم من خلال تقديم التدريب اللازم لهم ليتمكنوا من متابعة التزاماتهم حتى النهاية ويساعدوا بدورهم الأطفال على بناء حياة ناجحة."
هذا وقالت عائشة التي شاركت في المؤتمر الدولي لليونسكو بشأن منع التطرّف العنيف من خلال التعليم، أنّ الحكومة بذلت جهوداً حثيثة من أجل تحسين سلامة المعلّمين ولكن رغم كل ذلك تبقى مهنة التعليم غير آمنة. "تم شنّ هجمات متفرّقة لنشر الذعر والفوضى في عقول الناس. ويشعر المعلّمون بالتهديد على نحو خاص. ويزداد الأمر سوءاً لأنه في مثل هذه الظروف لا تستطيع تمييز صديقك من عدوّك. فقد يتعرّض جارك مثلاً لعملية غسل دماغ."
وأكّدت أنّ الدعم والفرص التي يقدمها اليوم العالمي تلعب دوراً مهمّاً في تشجيع المعلّمين على المضي قدماً.
وأضافت عائشة قائلة: "يجب أن ينبع شغف التعليم من القلب. وغالباً ما تتطلّب هذه المهنة التضحية، فبمجرّد ما أن تخسر شغفك وتبدأ بطرح الأسئلة حول كل ما يجري حولك، سيصبح من الصعب عليك أن تعطي أفضل ما عندك. أما أنا فقد نشأت إرادتي من ظروفي الخاصة. ولم أتوقّع أن أتلقى دعوة للمشاركة في مؤتمر اليونسكو. ولكنّني شعرت بأن شخصاً ما في مكان ما من هذا العالم أدرك أهميّة ما نقوم به ما سيشجّعني على المضي قدماً بحماس أكبر."
والجدير بالذكر أنّ اليوم العالمي للمعلّمين لهذا العام يصادف الذكرى الخمسين لاعتماد التوصية المشتركة بين اليونسكو ومنظمة العمل الدوليّة بشأن حالة المعلّمين. وستنظّم الاحتفالات لهذا العام تحت عنوان "تقدير المعلّم وتحسين أحواله" والذي يجسّد مبادئ التوصية ويسلط الضوء على الحاجة الملحّة لدعم المعلّمين ليتمكنوا من تحقيق خطة التعليم العالميّة لعام 2030.