قصة

هل يستعيد معرض رشيد كرامي مجده الضائع؟

أثار معرض رشيد كرامي الدولي الفضول والتساؤل منذ عام 1962، عندما تخيل المهندس المعماري البرازيلي المعاصر الشهير أوسكار نيماير، تصميمه السبّاق في مدينة طرابلس اللبنانية. تم تصميم المكان المطل على البحر الأبيض المتوسط ليضمّ معرضًا دوليًا دائمًا قادرًا على استيعاب ما يصل إلى مليوني زائر سنويًا، بما في ذلك قاعة عرض كبيرة وجناح وطني ومنصة حفلات موسيقية في الهواء الطلق. على الرغم من أن البناء بدأ في أوائل عام 1964، إلا أن المعرض لم ينته بعد 10 سنوات، مع انقطاعات متتالية في البناء ونقص الأموال. في ربيع عام 1975، عندما اندلعت الحرب الأهلية، تُركت أرض المعرض غير مكتملة ومهجورة لسنوات، مع سيطرة القوة العسكرية الأجنبية على المنطقة. منذ ذلك الحين، تقف هياكل المعرض المستقبلية كمنحوتات معمارية مهجورة وسط برك مياه فارغة، على الرغم من جهود إعادة التأهيل الجزئية في منتصف التسعينيات.

فشل معرض رشيد كرامي الدولي في لعب دوره كمحرك وطني للتجارة والاقتصاد على مستوياتٍ عديدة، فضلاً عن كونه محفزًا اجتماعيًا وثقافيًا لطرابلس. مع ذلك، شهد عام 2018 استعادة الاهتمام الوطني والدولي بالموقع وأهميته الثقافية والمعمارية، مع ترشيحه لقائمة التراث العالمي المؤقتة من قبل اليونسكو. في وقت لاحق من ذلك العام، تم اختيار المعرض من قبل مؤسسة Getty Foundation من أجل منحةKeeping it Modern ، وأصبح مسرحًا لنشاطات مثل معرض Cycles of Collapsing Progress. في العام التالي، أطلق المكتب الإقليمي لليونسكو في بيروت مشروعًا ممولًا من مؤسسةGetty Foundation ، لتطوير خطة إدارة الحفاظ على المعرض. والهدف وضع إطار عمل مقبول لسياسة عامة للحفظ والتنمية، وهو أمر ضروري قبل القيام بأي إصلاحات مادية أو مبادرات ترميم أو تطوير.

في النهاية، استحوذ المعرض على اهتمام منطقة طرابلس الخاصة والاقتصادية، التي قررت إطلاق مسابقة معمارية عالمية لمركز المعرفة والابتكار الخاص بها. وهدفت الدعوة إلى تطوير حاضنة للابتكار والتكنولوجيا في الموقع، بهدف دمج هياكل إضافية داخل النسيج الدقيق لأرض المعرض الحالية. وقد دفع ذلك باليونسكو إلى الدعوة إلى الاعتراف بالأهمية الثقافية للموقع وقيمته المعمارية في أي تطوير جديد، والدعوة إلى تصميمات حساسة لا تعرّض سلامة المجمع للخطر في حال الحاجة إلى إضافات جديدة. ونتيجة لذلك، اختارت لجنة تحكيم متخصصة ثلاثة مقترحات، لقدرتها على تلبية متطلبات مركز المعرفة والابتكار بحساسية، مع الحفاظ على السلامة المعمارية وروحيّة تصميم نيماير.

لسوء الحظ ، أدت الأحداث الأخيرة في لبنان ، بما في ذلك الانتفاضة الشعبية ووباء كوفيد-19، فضلاً عن الأزمة المالية والاقتصادية غير المسبوقة، إلى توقف الجهود لإعادة الحياة إلى المعرض مرة أخرى. ومع ذلك، فإن فريق اليونسكو الثقافي في بيروت مصمم على الانتهاء من خطة إدارة الحفظ الخاصة به بحلول نهاية عام 2022. في الوقت نفسه، من المهم، تحذّر اليونسكو، أن تولي الدولة اللبنانية الاهتمام الواجب لهذه الجوهرة من التراث الحديث، من خلال تأمين الأموال اللازمة للحفاظ على المعلم وإعادة تأهيله.

"بالنظر إلى الإمكانات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية العالية لهذا المشروع الحضري الوطني، يتساءل المرء ما إذا كان المعرض سيصبح أولوية، يقول جوزيف كريدي، مسؤول برنامج الثقافة في لبنان لدى مكتب اليونسكو في بيروت. تدعو اليونسكو إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لهذه الأصول الوطنية، ويبقى مكتبنا في بيروت ملتزماً بإنهاء مشروعه مع معهد جيتي بحلول نهاية عام 2022". ويضيف: "نتمنى أن يكون هناك مستقبل أفضل ينتظر معربض رشيد كرامي الدولي بالتعاون مع جميع أصحاب المصلحة والمعنيين، نحو اعتماد خطة اليونسكو كخطوة أولى ثم وضع خطة رئيسية. وهذا أمر بالغ الأهمية لتجنب تجزئة الموقع ولضمان التنمية المستدامة والمحافظة على هذه التحفة العمرانية والمعمارية".