في عصرنا الرقمي، تُعد البيانات ركيزة أساسية في دعم اتخاذ القرار وصياغة السياسات. ومن خلال إدماج بيانات اللاجئين في نظام المعلومات التربوي في الأردن، يصبح من الممكن تعزيز فرص الوصول إلى تعليم عالي الجودة للجميع. وتأتي هذه المبادرة كجزء من المشروع الذي تنفذه اليونسكو بدعم من الاتحاد الأوروبي، لضمان إدماج اللاجئين في النظام التعليمي الرسمي بشكل أكثر كفاءة وسلاسة.
يستضيف الأردن أكثر من 620,000 لاجئ. في السابق، كان تسجيل الأطفال اللاجئين في المدارس يتطلب توفير عدد كبير من الوثائق، من بينها: شهادة طالب اللجوء، وشهادة اللاجئ الصادرتان عن المفوضية، جواز السفر، شهادة الميلاد، وبطاقة وزارة الداخلية الخاصة بالسوريين أو أي إثبات هوية آخر، مثل بطاقة الهوية أو الرقم المدوَّن على جواز السفر من قبل السلطات الحدودية. كان يتعين على أولياء الأمور التوجه شخصيًا إلى المدارس، مما تسبب أحيانًا في تأخير تسجيل أطفالهم. كما كانت إدارات المدارس تضطر للتحقق يدويًا من حالة الطالب كلاجئ، وهو إجراء استهلك الكثير من الوقتً والجهدً.
أميرة، التي لجأت إلى الأردن عام 2013، وبراء، المقيمة فيه منذ 2012، واجهتا تحديات متكرره في تسجيل أطفالهما في المدارس. كانت أميرة تضطر في كل عام إلى تقديم مجموعة من الوثائق، مثل شهادة طالب اللجوء، جواز السفر، والرقم الوطني، مما جعل العملية مرهقة ومستهلكة للوقت. أما براء، فكانت مجبرة على زيارة كل من المدرسة والمفوضية سنويًا لتجديد شهادة اللجوء الخاصة بابنها.
اليوم، بفضل الربط الإلكتروني بين نظام المعلومات التربوي في الأردن وقاعدة بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أصبحت هذه العملية أسهل بكثير. لم تعد أميرة بحاجة إلا إلى شهادة طالب اللجوء، ويتم التحقق من وضع ابن براء إلكترونيًا خلال ثوانٍ، مما يوفر عليهما الجهد والوقت ويساعد في تسهيل التحاق أطفالهما بالتعليم.
أسهمت التحديثات التي أُجريت على نظام المعلومات التربوي في الأردن في تسريع وتسهيل عملية التحقق من وضع الطلاب اللاجئين. فبدلاً من جمع وثائق متعددة، أصبح بإمكان النظام التحقق من المعلومات خلال ثواني ، مما يقلل من الأعباء الإدارية ويسرّع إجراءات تسجيل الطلبة. ومع ذلك، يظل الحفاظ على شهادة طالب اللجوء سارية المفعول أمرًا ضروريًا، إذ تُستخدم للمساعدة في إعفاء الطلاب من الرسوم المدرسية.
بفضل الأتمتة التي أتاحها التكامل بين الأنظمة، أصبح تسجيل الطلاب اللاجئين ممكن بسرعة وفعالية، دون أي تأخير قد يعيق مسيرتهم التعليمية. كما تخفّفت هذه التحديثات من الأعباء الإدارية عن كاهل الكوادر التربوية، مما يتيح للمعلمين التركيز بشكل أكبر على مهامهم التعليمية بدلاً من الانشغال بالأعمال الورقية والإجراءات التنظيمية.
إلى جانب تسريع الإجراءات، يساهم نظام المعلومات التربوي في تعزيز التنسيق بين وزارة التربية والتعليم، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وشركاء آخرين، مما يتيح توجيه الموارد التعليمية بشكل أكثر فاعلية نحو الطلاب الأكثر احتياجًا. كما يوفّر هذا النظام بيانات دقيقة تساعد صناع القرار على فهم احتياجات الطلاب اللاجئين بشكل أعمق، ومتابعة مسارهم التعليمي، وضمان تقديم الدعم المناسب الذي يمكنهم من النجاح والاندماج في البيئة المدرسية.
يضع إدماج بيانات اللاجئين في نظام المعلومات التربوي الأردن في طليعة الدول التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لضمان تعليم أكثر شمولًا وإنصافًا. فبينما لا تزال قلة من الدول المضيفة قادرة على تصنيف بيانات التعليم الأساسي بحسب وضع الحماية في نظم المعلومات التربوية، يبرز الأردن كنموذج ريادي في هذا المجال، يقدم مثالًا يُحتذى به على الصعيد الإقليمي والدولي.
ومن خلال هذا المشروع، يحرز الأردن تقدمًا ملموسًا نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، والمتمثل في ضمان التعليم الدامج المنصف والشامل للجميع. ويعكس هذا التعاون والالتزام بالتطوير التقني كيف يمكن للبيانات أن تساهم بفعالية في بناء مستقبل تعليمي أفضل لجميع الاطفال، دون تأخير أو إقصاء.
-الناية-
أُطلق مشروع 'المساعدة التقنية لدعم نظام المعلومات التربوي في وزارة التربية والتعليم الأردنية' عام 2022، بشراكة بين الوزارة واليونسكو والاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز البنية التحتية لنظام إدارة المعلومات التربوية. يركّز المشروع على تنفيذ سياسات حديثة وتوفير حلول أكثر استدامة لاستضافة البيانات. وشملت التحديثات تحسين جودة البيانات ودقتها، مع إيلاء اهتمام خاص بإدماج بيانات اللاجئين بشكل أكثر فعالية، بما يعكس التزام الأردن بتطوير نظام تعليمي شامل يستند إلى بيانات دقيقة وموثوقة.