الأخبار
الذكرى السنوية العشرين لاعتماد اتفاقية 2001: اليونسكو تحشد ثمانية بلدان في منطقة البحر الأبيض المتوسط لحماية التراث المغمور بالمياه

يقف التراث الثقافي المغمور بالمياه شاهداً على ذاكرتنا المشتركة التي تعود لآلاف السنين. وتحتضن هذه المواقع المخفية عن الأنظار والمحمية تحت سطح المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار، تراثاً نفيساً، ومحفوفاً بالغموض وهناك تقليل من شأنه.
قال الكابتن الشهير جاك إيف كوستو: "نحن نحب ما يدهشنا، ونحمي ما نحب"، إلا أنّ التراث المغمور بالمياه مهدد بالنهب والاستغلال التجاري، وبشباك الصيد الصناعية، والتوسعات العمرانية الساحلية، واستغلال الموارد الطبيعية وأعماق البحار. كما أن التراث المغمور بالمياه معرض للخطر إثر الاحتباس الحراري، وتحمّض المحيطات، وتلوث المياه.
وإنّ اليونسكو وإذ تسعى إلى تعزيز حماية هذا التراث الفريد من نوعه والمعرض للخطر، وفهمه وترويجه على نحو أفضل، اعتمد مؤتمرها العام في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001.
غدت الاتفاقية، التي نحتفل اليوم بالذكرى السنوية العشرين على اعتمادها، الإطار القانوني العالمي لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، إذ تزوّد الدول والمهنيّين المعنيّين بالتراث المغمور بالمياه بالصكوك القانونية وبالأدوات العملية لتحديد السبل المناسبة لصون هذا التراث، فضلاً عن إدارته ونقله إلى أجيال الغد. وتضع "" مبادئ مشتركة في مجال الآثار المغمورة بالمياه، والحفائر ذات الغاية العلمية، وإدارة المواقع. شهدت السنوات العشرين الماضية إتمام سلسلة من الإنجازات تحت مظلة الاتفاقية، ومن بينها:
- إنشاء مؤلفة من 14 عضواً، ومناط بها مسؤولية الاضطلاع ببعثات ميدانية لدعم الدول في جهودها الرامية إلى حماية تراثها الثقافي المغمور بالمياه. وقد استفادت بلغاريا وغواتيمالا وهايتي ومدغشقر وبنما وباراغواي بالفعل من هذا الدعم. وتراعي البعثات بالطبع توقعات المجتمعات المحلية التي تعيش بالقرب من المواقع المغمورة بالمياه.
- إنشاء&Բ; بما في ذلك شبكة توأمة جامعية مع ما يقرب من 30 جامعة تتعاون في مجال الآثار المغمورة بالمياه، ومركز دولي للتدريب والبحث في علم الآثار المغمورة بالمياه في مدينة زادار في كرواتيا، بالإضافة إلى شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية المهنية والمعتمدة لدى الاتفاقية من أجل دعم تنفيذها.
- اعتماد&Բ; الغوص في المواقع الأثرية المغمورة بالمياه لضمان وصول عامة الناس إلى هذه المواقع بطريقة تتسم بالمسؤولية.
- التي تدعم تدريب المتخصصين في مجال التراث الثقافي المغمور بالمياه، بما في ذلك &Բ;و، و.
صون موقع قناة سكيركي
يتمثل أحد أوجه قوة الاتفاقية في تعزيز التعاون الدولي في مجال حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه. ولأول مرة في تاريخ الاتفاقية، ضافرت ثماني دول من الدول المطلة على جانبَي حوض البحر الأبيض المتوسط، وهي الجزائر، وكرواتيا، ومصر، وفرنسا، وإيطاليا، والمغرب، وإسبانيا، وتونس بصفتها دولة منسقة – جهودها من أجل حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في موقع قناة سكيركي، الذي يحتضن تراثاً ثقافياً استثنائياً ويقع شمال غرب مضيق صقلية. تقع هذه المنطقة في قلب شبكة من التبادلات التجارية التي تعبر البحر الأبيض المتوسط منذ آلاف السنين. &Բ;ويتألف موقع قناة سكيركي من شعاب مرجانية تمثل خطورة على الإبحار وتمتد على طول طريق تجاري بحري قديم يربط أوستيا، وهي ميناء الإمداد في روما، بمدينة قرطاج في تونس.
ويعرف المختصون تمام المعرفة الإمكانيات الأثرية الاستثنائية في موقع سكيركي وشهدت الفترة الممتدة بين عامي 1988 و 1997 العديد من رحلات الاستكشاف الأمريكية في مساحة شاسعة شمال الموقع، في مضيق صقلية. وتندرج هذه البعثات الاستكشافية في عِداد أولى العمليات الواسعة النطاق في علم آثار أعماق البحار، وساعدت في تحديد موقع حطام ما لا يقل عن ثمانية سفن محفوظة جيداً وتعود إلى فترات مختلفة. ويشهد علماء الآثار أيضاً على وجود حطام سفينة Athenian ، التي كانت إحدى سفي البحرية الملكية البريطانية في أوائل القرن التاسع عشر. وكانت مالطة قد زودت هذه السفينة بالأسلحة قبل أن يستولي عليها الفرنسيون، ثم البريطانيون، وشاركت في العديد من المعارك البحرية ووصلت حتى الصين قبل أن تصطدم بالشعاب المرجانية في موقع قناة السكيركي. غرقت السفينة في عام 1806 وأخذت معها قبطانها وأكثر من ثلاثمائة روح. وهناك مصادر توثق وجود حطام سفن من الحرب العالمية الثانية في المنطقة.
بفضل التي تقدمها اتفاقية 2001، سوف تدشن اليونسكو بمعيّة هذه البلدان الشريكة الثمانية، حملة كبرى لدراسة هذا الموقع وصونه، وذلك في خطوة هامة وضرورية لسبر أغوار تاريخ البحر الأبيض المتوسط. ومن المزمع إيفاد بعثة دراسة استقصائية علمية إلى المنطقة في خريف عام 2021. وبفضل توفير فرنسا سفينة أبحاث الآثار المغمورة بالمياه المزودة بأحدث التقنيات على متنها، سيتمثل الهدف من هذه البعثة في استكشاف المنطقة والبدء بمسح ودراسة تراثها الغني.
وتوفر الذكرى السنوية العشرين لاعتماد الاتفاقية فرصة فريدة للاحتفاء بهذه الإنجازات التي نهضت بعلم الآثار المغمور بالمياه وعزّزت حماية التراث المغمور بالمياه، وكذلك لإذكاء الوعي العام بشأن حمايتها، والوقوف على نحو جماعي على التحديات العديدة التي تنتظرنا.
وتدعو اليونسكو عامة الجمهور إلى إعادة اكتشاف هذا التراث الغامض الذي يمثل حلقة وصل بيننا وبين البحار والمحيطات التي تُعتبر "أكبر متحف في العالم"، وكذلك مع البحيرات والأنهار والجداول التي لطالما كانت ضفافها تضج بالحياة.
يُتعبر الاحتفال بالذكرة السنوية العشرين لاعتماد اتفاقية 2021 مناسبة رائعة لدعوة المزيد من الدول للتصديق على الاتفاقية والانضمام إليها، الأمر الذي يضمن أفضل حماية ممكنة لهذا التراث من خلال تعزيز التعاون الدولي.
هناك العديد من الفعاليات التي ستُقام خلال عام 2021 لإحياء الذكرى السنوية لاعتماد هذه الاتفاقية الجوهرية.