الأخبار
التغطية الإعلامية في عالم مليء بالتحديات: أثر الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة والإعلام
اعداد: ندى القيسي وتريسي دعيح

تم إعداد هذا المقال من قبل غرفة الشباب للوسائط المتعددة. الآراء والأفكار الواردة في هذا المقال تعبر عن آراء المساهمين في غرفة الشباب للوسائط المتعددة ولا تعكس بالضرورة آراء اليونسكو أو شركائها. لا تعني التسميات المتعلقة بالوضع القانوني لأي دولة أو إقليم أو مدينة أو منطقة،أو سلطاتها، أو المتعلقة بتحديد حدودها، إبداء أي رأي من قبل اليونسكو أو شركائه
في عالم يشهد تسارعًا تكنولوجيًا غير مسبوق، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وأخذ يلعب دورًا متزايدًا في مجالات متعددة، لا سيما الإعلام والصحافة. ومع هذا الحضور الطاغي، تتعاظم الأسئلة حول انعكاسات هذه التكنولوجيا على حرية الوصول إلى المعلومات، مصداقيتها، ومستقبل الإعلام التقليدي، وهو ما كان محور الجلسة الأولى من المؤتمر بعنوان "فرص ومخاطر التكنولوجيا للصحفيين ووسائل الإعلام".
تناولت الجلسة التأثير المزدوج للذكاء الاصطناعي، الذي يقدم من جهة فرصًا كبيرة في تحسين استرجاع المعلومات وإنشاء المحتوى، لكنه من جهة أخرى يطرح تحديات جدية كخطر تضخيم الأخبار المضللة، فرض الرقابة، وتجانس وسائل الإعلام. وهو ما يستدعي تبنّي مقاربة شاملة ترتكز على الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا، التربية الإعلامية، وتطوير حلول تعاونية قائمة على الابتكار.
أدارت الجلسة السيدة ربى الحلو، الأمينة العامة للمركز اللبناني لحقوق الإنسان، بمشاركة ثلاثة متحدثين من خلفيات مهنية مختلفة، ما أضفى على النقاش عمقًا وتنوّعًا في الرؤى.
استهلت الدكتورة ماريت عواد، مديرة مركز الذكاء الاصطناعي في الجامعة الأمريكية في بيروت، مداخلتها بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يقوم على ثلاثة أعمدة أساسية: البيانات، الخوارزميات، والآليات التقنية، مشددة على أهمية تسليح الإنسان بالمعرفة اللازمة لاستخدام هذه الأدوات، بدلًا من الخوف من أن تحلّ مكانه. ولفتت إلى واقع اللغة العربية في هذا المجال، معتبرة أن ضعف المحتوى العربي لا يُعدّ نقطة ضعف
بقدر ما هو فجوة يجب ردمها، داعية إلى الاستثمار في تطوير المحتوى العربي التقني.
أما السيد أسعد مارون، المدير العام لإذاعة صوت لبنان، فقد قدّم عرضًا لتجربة الإذاعة في الانتقال من إذاعة تقليدية سمعية إلى منصة مرئية نشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي لا يشكّل بديلًا عن الإعلام التقليدي، بل هو أداة يجب استخدامها لتطوير المهارات البشرية ورفع مستوى العمل الإعلامي. كما شدد على دور الجامعات في إعداد طلاب مؤهلين لدخول سوق العمل الإعلامي الحديث.
من جانبه، قدّم الأستاذ شربل شبير، المحامي بالاستئناف في نقابة المحامين في بيروت، مقاربة قانونية لمسألة دمج التكنولوجيا مع القوانين، معتبرًا أنها عملية معقدة تتطلب وعيًا ومسؤولية كبيرة. أشار إلى ضرورة تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي واحترام الأخلاقيات، محذرًا من أن سرعة التطور التكنولوجي تتجاوز أحيانًا قدرة التشريعات على مواكبتها. وأكد على أهمية التدخل البشري في حال وقوع نزاعات قانونية مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ما جمع بين آراء المتحدثين هو إقرارهم بأن الذكاء الاصطناعي أداة تحمل في طياتها وعودًا كبيرة، لكنها تتطلب يقظة وحسن إدارة. فلا الإعلامي يمكنه الاستغناء عن اللمسة الإنسانية، ولا المشرّع يستطيع تجاهل التحديات المستجدة، ولا الأكاديمي يغفل عن دوره في تهيئة الأجيال القادمة.
ختامًا، تبرز الحاجة إلى تعزيز الحوار بين جميع الأطراف المعنية لضمان تسخير الذكاء الاصطناعي في خدمة المصلحة العامة، مع المحافظة على القيم الأخلاقية وحقوق الإنسان، كي يبقى الإعلام مساحة حرة ومبتكرة، تعكس صوت المجتمعات وتطلعاتها في عصر الرقمنة.