الأخبار
تساؤلات حول ديمومة وسائل الإعلام
اعداد: سارة فاعور ومهدي ياغي

غرفة الشباب للوسائط المتعددة
تم إعداد هذا المقال من قبل غرفة الشباب للوسائط المتعددة. الآراء والأفكار الواردة في هذا المقال تعبر عن آراء المساهمين في غرفة الشباب للوسائط المتعددة ولا تعكس بالضرورة آراء اليونسكو أو شركائها. لا تعني التسميات المتعلقة بالوضع القانوني لأي دولة أو إقليم أو مدينة أو منطقة، أو سلطاتها، أو المتعلقة بتحديد حدودها، إبداء أي رأي من قبل اليونسكو أو شركائه
في إطار الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي أقيم في مكتب اليونسكو في بيروت، ناقشت الجلسة الثانية التحديات التي تواجه وسائل الإعلام في ظل التحوّل الرقمي السريع، مع التركيز على تأثير الذكاء الاصطناعي على ديمومة واستقلالية الإعلام. جمعت الجلسة نخبة من الخبراء، من بينهم السيدة رولا مخايل، المديرة التنفيذية لمؤسسة مهارات؛ والسيدة نورا مرعبي، مستشارة الحوكمة الإلكترونية؛ والسيدة غدير حمادي، مؤسسة مبادرة صواب، وأدارتها الإعلامية السيدة بترا أبو حيدر. ناقش المشاركون سبل تحقيق التوازن بين الاستفادة من مزايا التكنولوجيا الحديثة وضمان العدالة في الوصول والامتثال للأخلاقيات المهنية، بهدف وضع خارطة طريق نحو بيئة إعلامية أكثر استدامة وشمولاً.
ناقشت الجلسة الثانية التحديات المرتبطة بعمومية وسائل الإعلام في ظل التوسّع المتسارع لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وذلك وسط غياب أطر قانونية واضحة تنظم الممارسات الرقمية وتضمن الشفافية، والعدالة في الوصول، والامتثال لقواعد السلوك المهني والأخلاقي. وقد طُرحت خلال الجلسة تساؤلات حول قدرة الإعلام في لبنان على الاستجابة لهذه التحوّلات التقنية في ظل تفاوت القدرات، وضعف الموارد، وغياب السياسات المؤسسية الداعمة للتعددية والمساءلة في البيئة الرقمية المتسارعة.
وخلال الجلسة، أشارت المديرة التنفيذية لمؤسسة “مهارات” رولا مخايل إلى أن عدداً من الصحافيين في لبنان يبذلون محاولات فردية للاندماج مع أدوات الذكاء الاصطناعي، رغم افتقار المؤسسات الإعلامية إلى سياسات واضحة في هذا المجال. واعتبرت أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في التكنولوجيا بحد ذاتها، بل في غياب الحوكمة التي تنظم استخدامها، مشيرة إلى أن الجامعة اللبنانية أصدرت مؤخرًا وثيقة لحوكمة الذكاء الاصطناعي ضمن استراتيجيتها للتحوّل الرقمي، وهي خطوة مهمة لكنها تبقى محدودة في غياب إطار وطني شامل.
وتحدثت مخايل عن ضرورة لعب الدولة دورًا في حماية التعددية والتنوّع الإعلامي، خاصة مع غياب العدالة في توزيع الموارد وتكافؤ الفرص. ولفتت إلى أن الإعلام البديل بات يشكل صوتًا للفئات المهمّشة، ما يفرض حماية هذا الصوت وتفعيله من خلال تشريعات داعمة ومواكبة للتطورات التكنولوجية، ودعت إلى حوار وطني من أجل تحصين التعددية في الإعلام اللبناني.
من جهتها، شدّدت مستشارة الحوكمة الإلكترونية نورا مرعبي على أن التحوّل الرقمي لم يعد ترفًا أو خيارًا، بل ضرورة تفرضها طبيعة العصر، داعية المؤسسات الإعلامية إلى بدء خطوات فعلية ومدروسة نحو هذا التحوّل. وأكدت أن الجمهور لم يعد محصورًا بمنطقة جغرافية واحدة، بل بات موزّعًا على قنوات رقمية متعددة، ما يستدعي دراسة دقيقة لتوجّهاته وآليات الوصول إليه. كما أكدت على أهمية تأهيل الكوادر البشرية لتكون قادرة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة تُبقي على القرار بيد الإعلامي، دون تفويض كامل لما وصفته بـ”الوكيل الرقمي”، محذرة من تهديدات محتملة على أمن البيانات وصناعة القرار الإعلامي.
وتطرقت مرعبي إلى الحاجة لتأسيس منصة لبنانية تُعنى بالذكاء الاصطناعي، وتشبيك المؤسسات الإعلامية مع النقابات والجامعات للاستفادة من الخبرات اللبنانية والعربية. كما أعلنت عن مبادرة ستنطلق قريبًا برعاية وزارة الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع وزارات أخرى، تهدف إلى تمكين النساء وتشجيع مشاركتهن في قطاع الابتكار الرقمي. وأكدت أن لبنان يزخر بالكفاءات في هذا المجال، لكنه بحاجة إلى بنية تشريعية واقتصادية تؤمّن استدامة هذا الزخم.
أما مؤسسة مبادرة “صواب” غدير حمادة، فقد استعرضت تجربة أطلقها سبعة شبان تهدف إلى التحقق من الأخبار الزائفة عبر الإنترنت، بعد دراسة معمّقة لسلوك الجمهور والمنصات الأكثر تأثيرًا. وأوضحت حمادة كيف تم تدريب أدوات الذكاء الاصطناعي على تحليل أساليب الكتابة والمصادر الخبرية الموثوقة، بهدف تحسين دقة المعلومات وتصحيح الأخبار المغلوطة. ولفتت إلى أن مثل هذه المبادرات تحتاج إلى دعم وتمويل من الدولة اللبنانية، من أجل ضمان استمراريتها واستقلاليتها في مواجهة الفوضى المعلوماتية التي تنتشر عبر المنصات الرقمية.
وفي ختام الجلسة، أجمع المتحدثون على ضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة لحوكمة الذكاء الاصطناعي في الإعلام، تشارك في صياغتها الدولة، والمجتمع المدني، والجامعات. وأكدوا أن هذه الحوكمة يجب أن تحمي التعددية، وتعزز الابتكار، دون الإخلال بأخلاقيات المهنة أو التعدي على حرية التعبير.