الأخبار
حماية الثقافة ووضع حد للإتجار بالقطع الأثريّة المهربة

عندما يتعلّق الأمر بمنع الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافيّة، تتراود إلى أذهاننا الأفكار التالية: "منع الإتجار"، "التعاون لوقفه" وزيادة الوعي بخطورته". وإن التحديات المترتبة على هذا الإتجار عديدة حيث تشمل سرقة المتاحف والأماكن العامة والخاصة والمواقع الأثريّة. وإن الصراعات المتفشيّة في الشرق الأوسط توفر تربة خصبة لزيادة عمليات النهب والسرقة، وإن تداول وبيع القطع المنهوبة من جهة وعمليات الاحتيال من جهة أخرى تتزايد زيادة مطردة على شبكة الانترنت ما زاد من تعقيدها لاتصالها بالجرائم الدولية المنظمة ما يزيد من صعوبة ملاحقتها وتتبعها.
"يقع على عاتقنا جميعا مسؤولية مشتركة حيال هذا الأمر، ولا بدّ من إيجاد حوار بين الدول والأسواق الثقافيّة وقوّات تنفيذ القانون من أجل التصدي لهذه التحديات،" هذا ما قالته مديرة مركز التراث العالمي لليونسكو، مشتيلد روسلر، في اجتماع اللجنة الفرعيّة للدول الأعضاء في اتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد و تصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة (1970) في مقر اليونسكو في باريس في الفترة بين 26 و 28 أيلول/ سبتمبر.
وأضافت مشتيلد روسلر قائلة: "لا بد للسكان المحليّين من إدراك قيمة تراثهم وأن يكونوا أول وأفضل من يحميه لا سيما في المواقع الأثرية ومحيطها. ويجب على المتاحف والمزادات وجامعي القطع الأثريّة أن يتيقنوا من مصادر القطع الأثريّة ويكونوا بالمرصاد لكل من يهدّدها."
ومن جهته، أعرب نيل برودي، خبير دولي من المملكة المتحدة، عن قلقه حيال كميات المجوهرات والقطع النقدية التي تنهب حيث أنّه من السهل إخفاء هذه القطع ونقلها لتعرض في ما بعد للبيع على المواقع الالكترونية. فعلى سبيل المثال، تم بيع 60 تمثالا من موقع تل حلف الأثري على الموقع الالكتروني "إيباي" على يد سبعة تجار موجودين في المملكة المتحدة. والجدير بالذكر أن هذه القطع التي بيعت مدرجة على القائمة الحمراء التي أصدرها المجلس الدولي للمتاحف (أيكوم) للتراث الثقافي السوري المعرّض للخطر. وبالإضافة إلى ذلك، إنّ أصالة ومصدر هذه القطع غير مضمونين. وفي هذا السياق أضاف برودي معلّقاً: "إذا تبيّن أن القطع مزوّرة، تعتبر الجريمة جريمة نصب واحتيال. وإذا تبيّن أنّ هذه القطع أصليّة، تعتبر الجريمة جريمة سرقة."
كما تناول الاجتماع آثاراً جنائيّة أوسع لما يجري في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن حيث تفاقمت محنة التراث الثقافي لتشمل عمليات النهب والإتجار غير مشروع التي أفيد بوقوعها. والجدير بالذكر أنّ قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2199 و 2253 يساعدان على قمع عمليّات الإتجار غير المشروع وقطع تمويل الجماعات الإرهابيّة، ولكن لا بدّ من إيجاد معايير أفضل وبدء العمل على أرض الواقع مثل التدريب ورصد حدود بلدان العبور والتحقيق في الجرائم.
وبدوره أوضح جون كارلسون، مدير فريق العمل المعني بالتمويل الدولي الحكومي، كيفيّة عمل واضعي السياسات ومنفذي القانون والمنظّمين على وضع معايير عالميّة لمحاربة غسل الأموال وتمويل الجماعات الإرهابيّة. وعلّق قائلاً: "عندما تحصل الجماعات الإرهابيّة أمثال "داعش" الدعم المالي من خلال عمليات نهب القطع الثقافيّة، فإنّه لا بدّ من تسليط الضوء على الأهميّة البالغة لوضع مثل هذه المعايير."
وفي هذا السياق، عرض كارلو شيارومونتي، رئيس قسمي القانون الجنائي ومكافحة الإرهاب في مجلس أوروبا، مشروع اتفاقية قانون جنائي جديدة وضعها مجلس أوروبا لمكافحة الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافيّة. وأضاف موضّحاً: "تساعد عمليّات الأموال على استغلال الجماعات الإرهابيّة لعمليّات الإتجار بالممتلكات الثقافيّة على نحو متزايد حيث تعدّ مثل هذه الطرق المصدر الرئيس لتمويل هذه المنظمات الإجراميّة." والجدير بالذكر أنّ عرضه يهدف إلى تنفيذ اتفاقية اليونسكو لعام 1970 حيث يقدّم للدول الأعضاء في هذه الاتفاقية والبالغ عددهم 131 دولة مجموعة من التدابير الوقائيّة والأحكام المعنيّة ، وتعزيز التعاون الدولي وتنفيذ اتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص لعام 1995 بشأن استرداد القطع الثقافيّة المسروقة أو المصدرة بطرق غير قانونيّة
هذا وتطرّق الاجتماع أيضاً إلى مسائل الإتجار بالتراث الثقافي للشعوب الأصلية وضرورة إعادته لأصحابه، بالإضافة إلى مجموعة من الطرق للربط بين أحكام اتفاقية عام 1970 من جهة ومواد إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصليّة من جهة أخرى. ومن جهتها ناقشت أندريا كارمن، المديرة التنفيذيّة للمجلس الدولي لمعاهدات الهنود، التحديات القانونية المترتّبة على مكافحة الإتجار غير المشروع بالتراث الثقافي مسلطة الضوء على أهمية العلاقة بين الشعوب الأصليّة وممتلكاتهم الثقافيّة والدينيّة التي يوجد العديد منها في المتاحف حول العالم.
ويذكر أنّ ماريا فلازاكي (اليونان) ترأست الاجتماع الذي افتتحه فرانشيسكو باندرين، مساعد المديرة العامة للشؤون الثقافيّة، بحضور 175 ممثلاً حكوميّاً وخبيراً دوليّاً ناقشوا أمثلة ملموسة وتوصلوا إلى مجموعة من القرارات.