الأخبار

"توصيل النصف الآخر": التقرير الجديد لحالة النطاق العريض في العالم ينذر بالحاجة الماسة إلى الوصول إلى نصف عدد سكان العالم غير المتصلين بالإنترنت

أكّدت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، خلال مشاركتها في حلقات نقاش لجنة النطاق العريض في نيويورك، أهمية الانتفاع الرقمي والدراية الرقمية. يكشف التقرير الأخير لحالة النطاق العريض للعام 2019 عن التباطؤ في معدل النمو العالمي في نسبة الأسر المتصلة بالإنترنت، والتي سجّلت ارتفاعاً طفيفاً من 53.1%، العام الماضي، إلى 54.8%. وقد ارتفع معدّل نفاذ الأسر في البلدان ذات الدخل المنخفض، إلى الإنترنت بمعدّل 0.8%. لم تستطع النهوج التقليدية المتبعة لتداول شبكات الإنترنت الوصول إلى النصف المتبقي من سكان العالم الذين لا يزالون غير متصلين بالإنترنت. وقد سلطت المديرة العامة الضوء بوجه خاص على الأهمية البالغة لتحسين الدراية الرقمية، وأكّدت أنّ "العامل الرئيسي الذي يحول دون انتفاع سكان البلدان النامية بخدمة الإنترنت عبر الأجهزة المحمولة التكلفة المطلوبة لتوفير هذه الخدمة، بل بالأحرى المستوى المتدنّي للمهارات والدراية الرقمية." "ولعلّ أوجه عدم المساواة بين الجنسين في مجال التكنولوجيات الرقمية تمثّل مدعاة أكبر للقلق. فإنّ فرص اتصال النساء بالإنترنت أقل من الفرص المتاحة للرجال، ولا تنفك الفجوة القائمة بين الجنسين تزداد وتتنامى. ويوضّح منشور اليونسكو الذي صدر في العام 2019 بعنوان "لو كان بإمكاني لاحمر وجهي"، تحت رعاية شراكة "متساوون" العالمية، أن معدّل الدراية الرقمية لدى النساء يقل بمقدار أربع مرات مقارنة بالرجال، وتمثّل النساء 6 في المائة فقط من العاملين في مجال تطوير البرمجيات."

يسعى التقرير إلى مواجهة المعدل المتباطئ للنمو العالمي، ويدعو لتحقيق هذه الغاية إلى إيجاد استراتيجيات تعاونية جديدة للنهوض بمفهوم "تعميم الاتصال الهادف والفعال" من خلال إيلاء تركيز أكبر لتقاسم الموارد واتباع نهج أكثر شمولية يعتبر النطاق العريض من المنافع العامة الأساسية، وعنصراً هاماً من أجل تحقيق التنمية على الصعيد العالمي. يشمل مفهوم "تعميم الاتصال الهادف والفعال" إتاحة النطاق العريض والحرص على ملاءمته وتيسير تكلفته وجعله آمناً وموثوقاً وتسخيره لتمكين المستخدمين وإحداث تغيير إيجابي. يروّج التقرير لهذا المفهوم الجديد لتزويد صناع السياسات بأساس قوي ومتين يمكن لهم الاستناد إليه أثناء إعداد استراتيجياتهم الرقمية، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه الحكومات إلى إيجاد تمويل جديد لتوسيع نطاق الاتصال بالإنترنت والوصول إلى السكان غير المتصلين.

وكشفت البيانات المتعلقة بالأفراد المتصلين بالإنترنت أيضاً عن تباطؤ في معدل النمو العالمي في العام 2018، بالإضافة إلى نمو متباطئ في البلدان النامية التي تضم الغالبية العظمى من السكان غير المتصلين والمقدر عددهم بـ 3.7 مليار نسمة.

وقالت وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والابتكار في جمهورية رواندا، باولا إنغابير، على لسان رئيس الجمهورية، بول كاغامه، الذي يشارك في رئاسة اللجنة: "سوف يتطلب منا العمل المشترك الذي نقوم به من أجل إنفاذ توصيات اللجنة توفير الموارد المادية والتقنية من أجل إحراز التأثير الذي نصبو إليه."

وقال الرئيس المشارك للجنة، كارلوس سليم: "يتطلب توصيل سكان العالم بالإنترنت التعاون واتباع نهوج مشتركة وإقامة شراكات بين مختلف الجهات المعنية في مختلف القطاعات عبر الحدود". وأضاف أيضاً: "يتطلب الأمر إدراك وفهم احتياجات الناس فيما يتعلق بالاتصال والدراية والوصول إلى المحتوى بشتى الصيغ واللغات، والانتفاع بمختلف الخدمات، وكذلك تقليل تكلفة الخدمات والأدوات المستخدمة، وتمكين الناس الذين يفتقرون إلى أبسط المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتزويدهم بالأدوات اللازمة للمشاركة في النظام الإيكولوجي الرقمي".

استمرار هيمنة النطاق العريض للأجهزة المحمولة

يشير تقرير حالة النطاق العريض للعام 2019 إلى أنّه بالرغم من ازدياد عدد مستخدمي الأجهزة المحمولة بمعدّل مليار مشترك خلال السنوات الخمس الماضية منذ عام 2013 (بمعدل 4.2% سنوياً)، إلا أنّ هناك تباطؤ أيضاً بمعدل الاتصال عبر الأجهزة المحمولة، لا سيما لدى الفئات الأكثر فقراً. وشهدت التغطية التي توفرها شبكة الأجهزة المحمول تقدماً أبطأ بكثير في البلدان المنخفضة الدخل، إذ تحسّنت تغطية شبكة الجيل الرابع بنسبة وصلت بالكاد إلى 22% خلال السنوات الخمس الماضية، وذلك مقابل تحسّن وصل إلى 66% في البلدان المتوسطة الدخل.

حلّ الجيل الرابع من شبكة الأجهزة المحمولة (4G) مكان الجيل الثاني (2G) في العام 2018 ليصبح بذلك التكنولوجيا الرائدة في عالم الأجهزة المحمولة في جميع أنحاء العالم، إذ وصل عدد مستخدميه إلى 3.4 مليار مستخدم، أي ما يعادل 44 ٪ من مجموع مستخدمي الشبكة. ولن تتأخر تكنولوجيا الجيل الرابع حتى تتربع على عرش تكنولوجيا الأجهزة المحمولة، مهيمنة بذلك على نصف شبكات الاتصال بالأجهزة المحمولة في العالم في العام 2019. ومن المتوقع لهذا الجيل بلوغ الذروة وتمثيل 62٪ من إجمالي شبكات الاتصال بالأجهزة المحمولة بحلول العام 2023.

وتشير البيانات إلى أنّ نصف عدد المستخدمين الجدد لخدمات الأجهزة المحمولة، والمتوقع وصول عددهم إلى 730 مليون مشترك خلال السنوات السبع المقبلة، سيكونون من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في حين أنّ ما يناهز ربع هذا العدد سيكون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

 

استراتيجيات جديدة لتوصيل الجميع بالإنترنت

يلقي تقرير حالة النطاق العريض لعام 2019 نظرة معمّقة في طبيعة خدمات اتصال النطاق العريض على مستوى العالم، ويشير إلى أنّ المغالطة في التمييز بين الفئات المتصلة والفئات غير المتصلة قد تنطوي على تباينات خطيرة في إمكانية الاتصال، وتقدم صورة غير دقيقة للحقائق الملموسة في العديد من البلدان. إذ يشير التقرير على سبيل المثال إلى أنّه على الرغم من أنّ سرعة الاتصال التي تصل إلى 256 كيلو بايت في الثانية تُحسب على أنها اتصال "نطاق عريض" لأغراض إحصائية، فإنّ المستخدمين المتصلين بهذه السرعات لا يمكنهم الاستمتاع بتجربة كاملة عبر الإنترنت على غرار التجربة التي يتمتع بها المستخدمون المتصلون بالشكبة بسرعة تصل إلى 100 ميجابايت في الثانية أو أكثر، على اعتبار أنّ هذه السرعة تعتبر الآن السرعة "القياسية" في الدول الأغنى في العالم.

ويشير التقرير إلى أن الأفراد المتصلين عبر الإنترنت قد لا يندرجون ضمن فئات إحصائية ثنائية واضحة ("المستخدمون" مقابل "غير المستخدمون"). بل يعتمد الأفراد عوضاً عن ذلك على مجموعة واسعة من سبل التفاعل عبر شبكة الإنترنت والاستفادة منها. وهناك أيضاً إدراك متزايد للعيوب المحتملة لاعتماد التكنولوجيا والمخاطر المترتبة على ذلك، ولا سيّما بالنسبة للسكان الأكثر ضعفاً، بمن فيهم النساء والأطفال، الذين قد يقعوا ضحية للمطاردة الإلكترونية، أو المضايقات عبر الإنترنت، أو خطاب الكراهية، أو الاعتداء على الأطفال أو استغلالهم أو التنمر عبر الإنترنت.

 

تعميم اتصال هادف وفعال بشبكة الإنترنت

قال الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، هولين تشاو، إنّ "تقرير حالة النطاق العريض لهذا العام يشجعنا على التفكير من منطلق تعميم اتصال هادف وفعال بشبكة الإنترنت"، معللاً ذلك بأنّ "الإدماج الرقمي لن يكون هادفاً أو فعالاً إلا إذا شعر مستخدمو الإنترنت بالقدرة على استخدام التكنولوجيا - وجعلها ميسورة التكلفة وفعالة وآمنة ".

يستعرض التقرير لعام 2019، بالإضافة إلى ما سلف، التقدّم المحرز صوب تحقيق الأهداف السبعة للجنة في مجال الترويج، ويؤكد الحاجة إلى تنفيذ تدابير مرتبطة بالسياسات من شأنها ضمان انتفاع جميع أفراد المجتمع بفوائد الاتصال العريض. يلخص هذا التقرير سبع سنوات من الترويج على صعيد السياسات، بالإضافة إلى 66 توصية سياسية خلصت إليها الإصدارات السابقة من التقرير، والتي استرشد بها الحوار العالمي بشأن تنفيذ النطاق العريض منذ إنشاء اللجنة في عام 2010.

ويشير التقرير إلى أنّ تسريع وتيرة استخدام النطاق العريض وتعميم اتصال هادف وفعال، يتطلب التخلي عن العمل بما هو متبع في توجيهات السياسات والمشاريع، وتبني مزيد من النماذج التعاونية القائمة على تقاسم الموارد والنهوج الشمولية.

ويقدّم التقرير بيانات مستوفاة لقياس التقدم المحرز صوب تحقيق أهداف اللجنة السبعة في مجال الترويج (تعميم الانتفاع بتقنية النطاق العريض؛ جعل تقنية النطاق العريض ميسورة التكلفة؛ وإيصال الناس بشكبة الإنترنت؛ اكتساب الحد الأدنى من المهارات الرقمية ومهارات القراءة والكتابة والحساب؛ استخدام الخدمات المالية الرقمية؛ إيصال المؤسسات بالإنترنت؛ تحقيق المساواة بين الجنسين من خلال استخدام تقنية النطاق العريض بحلول العام 2025). لكن المعدلات الراهنة تفيد بأنه من غير المحتمل تحقيق جميع أهداف اللجنة بحلول العام 2025.